كأس العالم للأندية- مفاجآت، تألق ميسي، وإثارة تتجاوز التوقعات

المؤلف: أتلانتا ـ الفرنسية11.22.2025
كأس العالم للأندية- مفاجآت، تألق ميسي، وإثارة تتجاوز التوقعات

شهدت فعاليات كأس العالم للأندية، التي تُقام حاليًا في الولايات المتحدة الأمريكية، جملةً من الأحداث المثيرة والملتهبة. بدأت هذه الأحداث بظهور مقاعد فارغة في المدرجات، وتأخيرات غير متوقعة نتيجة للعواصف الجوية القوية وارتفاع درجات الحرارة بشكل لافت، وصولًا إلى انتقادات حادة تتعلّق بتوسيع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» للبطولة، وهو ما اعتبره البعض محاولةً لجمع المزيد من الأموال على حساب سلامة اللاعبين وصحتهم على المدى البعيد.


وعلى الرغم من بطء سير الوقت في ظل حرارة الصيف اللاهبة في أمريكا، إلا أن البطولة قد أظهرت مستويات عالية من الإثارة والتشويق، فاقت توقعات الكثيرين. كما أنها قدمت لحظات مبهجة للجماهير، تمثلت في استعادة العديد من اللاعبين لذكرياتهم الرائعة، وعلى رأسهم النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، اللاعب السابق في صفوف برشلونة الإسباني والحالي في إنتر ميامي الأمريكي.


لا شك أن سحر ميسي، البالغ من العمر 38 عامًا، وتألقه اللافت في منافسات البطولة، يمثلان إضافةً نوعيةً للأحداث، حيث أسهم بشكل كبير في تأهل فريقه الأمريكي إلى الدور ثمن النهائي، على الرغم من جميع التحديات والصعوبات التي واجهها، وهو الإنجاز الذي وصفه المدرب خافيير ماسكيرانو بأنه "تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى".


إن وجود ميسي في حد ذاته لا يزال يثير مشاعر جياشة وردود أفعال عاطفية قوية لدى الجماهير، حيث ظهر طفل صغير يرتدي قميص المنتخب الأرجنتيني في ملعب "مرسيدس بنز" بمدينة أتلانتا، وهو يذرف الدموع تأثرًا قبل نزول اللاعبين إلى أرض الملعب، على طريقة دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين، لمجرد فكرة رؤية نجمه المحبوب وجهًا لوجه.


وفي لقطة تعكس مهاراته الفائقة، سدد ميسي ركلة حرة مذهلة استقرت في الزاوية العليا من المرمى، ليمنح فريقه ميامي فوزًا مفاجئًا على فريق بورتو البرتغالي بنتيجة 2ـ1، ويضمن له بطاقة العبور إلى دور الـ 16.


وفي معرض حديثه عن اللقاء، صرح ييمي أوبونو، وهو مدير منتجات تقنية مقيم في أتلانتا، قائلًا: "أنا من أشد المعجبين بميسي، فهو لا يزال أحد أفضل اللاعبين على مستوى العالم. لم يكن أحد يتوقع أن نفوز بتلك المباراة أمام بورتو".


وسيحظى أوبونو وغيره الكثيرون بفرصة جديدة لمشاهدة نجمهم المفضل، عندما يواجه إنتر ميامي فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، بطل أوروبا، في ولاية جورجيا مرة أخرى، وذلك في نهاية هذا الأسبوع، ضمن منافسات دور ثمن النهائي.


وأضاف أوبونو: "كانت مشاهدة ميسي تجربة فريدة ومميزة للغاية بالنسبة لي. أتمنى أن أتمكن من رؤيته مرة أخرى يوم الأحد. أنا سعيد جدًا، على الرغم من أنني لم أكن كذلك في البداية لحصولنا على المركز الثاني في المجموعة". وتعتبر مواجهة ميسي لفريقه السابق باريس سان جيرمان واحدة من القصص العديدة التي تجذب الأنظار في هذه البطولة المثيرة.


ومع أخذ الأندية المتسابقة للبطولة على محمل الجد نظرًا لمجموع جوائزها المالية الضخمة، التي تبلغ مليار دولار أمريكي، تبدو مبارياتها ذات طابع "رسمي" ومختلف تمامًا عن الجولات التحضيرية التجريبية التي تسبق انطلاق الموسم الجديد.


من جانبه، أشاد الإسباني بيب جوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي، بشغف جماهير أمريكا الجنوبية، قائلًا: "أنا على يقين تام بأن هذه البطولة هي الأفضل لفرق أمريكا الجنوبية، وخاصةً البرازيلية والأرجنتينية". وأضاف: "يتفاجأ الكثيرون عندما تخسر الفرق الأوروبية، ولكن أهلاً بكم في العالم الحقيقي أيها الأصدقاء".


وفي مفاجأة مدوية، تمكن فريق بوتافوجو من تحقيق الفوز على باريس سان جيرمان في دور المجموعات بنتيجة 1ـ0، كما تعرض تشيلسي لهزيمة قاسية بنتيجة 1ـ3 أمام فريق برازيلي آخر، وهو فلامنجو، وخرج أتلتيكو مدريد الإسباني بقيادة دييجو سيميوني من البطولة مبكرًا.


لقد أضفى دور المجموعات لمسة من الإثارة والتشويق التي افتقر إليها الدور الأول من دوري أبطال أوروبا في نسخته الجديدة، كما أتاحت البطولة فرصةً للاطلاع عن كثب على مشروع تشابي ألونسو مع ريال مدريد، والتعاقدات الجديدة التي أبرمها، مثل ثنائي الريال ترينت ألكسندر أرنولد، ودين هويسن، بالإضافة إلى ليام ديلاب، لاعب تشيلسي، والعديد من الأسماء الأخرى في مانشستر سيتي.


وقد أعرب المدربون، بمن فيهم فينسنت كومباني المدير الفني لبايرن ميونيخ الألماني، عن تقديرهم للوقت الإضافي الذي أتيح لهم للعمل بشكل معمق مع اللاعبين، الذين انشغلوا بدورهم طوال الموسم بجلسات التعافي وسط جدول المباريات المزدحم.


علاوة على ذلك، كانت البطولة فرصة للاحتفاء بالفرق التي نادرًا ما تحظى باهتمام عالمي واسع النطاق. فبينما سخر البعض من فريق أوكلاند سيتي النيوزيلندي، الذي يضم لاعبين هواة، بعد خسارته الثقيلة بنتيجة 0ـ10 في المباراة الافتتاحية أمام بايرن ميونيخ، إلا أن هذه الهزيمة سلطت الضوء على روعة تعادلهم المستحق بنتيجة 1ـ1 مع بوكا جونيورز الأرجنتيني في مباراتهم الأخيرة.


وصرح آدم ميتشل، القائد الثاني للفريق، قائلًا: "نحن نمثل 99% من فرق الهواة في عالم كرة القدم. فجميعنا لدينا وظائف يومية نزاولها إلى جانب ممارسة كرة القدم".


لقد كانت الجماهير أيضًا إحدى العلامات المميزة في هذه البطولة، حيث تنافس مشجعو أوراوا ريد دايموندز الياباني مع نظرائهم في ريفر بليت الأرجنتيني لخلق أجواء رائعة ومفعمة بالحيوية في المدرجات، وهو إنجاز ليس بالسهل على الإطلاق. وعلى الرغم من خروج ريفر بليت ومواطنه بوكا جونيورز من البطولة، إلا أن مشجعيهم المتحمسين ساهموا بشكل كبير في إحيائها وإضفاء المزيد من الإثارة عليها.


وحتى مع عدم امتلاء الملاعب بالكامل، إلا أن الجماهير الحاضرة كانت تحدث ضجيجًا كبيرًا وهتافات مدوية تدل على حماسها الشديد، علمًا بأن متوسط الحضور الجماهيري في هذه البطولة يفوق مثيله في الدوريات الإسبانية والإيطالية والفرنسية في الموسم الماضي.


أما الفرق البرازيلية الأربعة المشاركة، فقد استعرضت قوتها الكبيرة ومهاراتها الرفيعة، حيث تمكنت جميعها من الوصول إلى دور الـ 16، لتفاجئ بذلك أولئك الذين اعتقدوا أن الفارق بينها وبين أندية النخبة الأوروبية كبير جدًا ولا يمكن تذليله.


ومع سعي فرق كبيرة وعريقة مثل باريس سان جيرمان، ومانشستر سيتي، وريال مدريد، وبايرن ميونيخ إلى تحقيق نتائج قوية ومبهرة، فمن المتوقع أن تجذب بعض المواجهات الحاسمة والمرتقبة أنظار أولئك الذين يقاومون هذا الحدث أو يقللون من شأنه.


إن كأس العالم للأندية بطولة لا تزال في مراحلها الأولى، وتحتاج إلى المزيد من التطوير والتحسين، ولكنها تُظهر بالفعل أنها أكثر إثارة وحماسًا مما توقعه البعض في البداية.


سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة